-- بحث للعبد الفقير عارف الشخيبي ، قدمته لفضيله الشيخ حسن بن عبد الستير بناءا على طلبه فقرأه واستحسنه إلا أنه رأى فيه نوع اختصار
مذاهب أهل العلم فى وجوب الزكاة فى الحلى خمسة كالتالي :
المذهب الأول تجب الزكاة
فى الحلى على شرط الإيجاب -- يفصل
المذهب الثانى : عدم وجوب الزكاة فى الحلى مطلقا ، مذهب جماهير
أهل العلم مالك والشافعى وهو المشهور من مذهب أحمد قال به ابن القيم والشوكانى
والعلامة السعدى ومنسوب لابن تيمية رحمة الله واستدلوا عليه بالأتى :
الدليل الأول : الأصل براءة الذمة من التكاليف وعصمة
المال من وجوب شئ فيه فمن أوجب فيه الزكاة فعليه الدليل
والجواب على هذا
الدليل من وجوه :ـ
الأول ـ الأصل
المنازع لهذا الأصل أن أصل المال الذهب والفضة والزكاة تجب فى المال والأصل الخاص
قاض على الأصل العام واقوى منه
الثانى ـ كيف لا تجب الزكاة فى الحلى وهما ذهب وفضة
والذهب والفضة أصل المال " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل
الله "
الثالث ـ قد جاء
الدليل عاما فى إيجاب الزكاة فى الذهب والفضة " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا
يؤدى زكاتها إلا جاء يوم القيامة "
الرابع : الدليل الخاص ـ عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده،
أن امرأة أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتان
غليظتان من ذهب، فقال لها: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما
سوارين من نار، قال: فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقالت: هما
لله ورسوله»
ولو سلمنا فهذا الأصل منقوص حينا ولا يعد دليلا مستقلا
الدليل الثانى : الزكاة لا تجب فى المال إلا على شروط
مخصومة واهمها النماء ومعلوم أن الحلى ليس مالا ناميا بل هو مستهلك ومستعمل اشبه
فى ذلك الثياب لما أستعمل للزينة
الجواب : الأول ولا نسلم أن الحلى مالا ليس ناميا بل هو
مال نام
الثانى ـ مع
التسليم بشرط النماء فإنه لا يسلم أن تلبسه المرأة من أجل الإدخار والإتجار ولابد
من سد باب الحلية فى الزكاة
الثالث ـ هذه
القاعدة يرد عليها أنها فى مقابل نص كما فى حديث المسكتين المتقدم
الدليل الثالث : حديث جابر بن عبد الله فى المسند "
ليس فى الحلى زكاة "
الجواب الأول ـ ضعيف
الثانى :
المعارضة بأقوى منه إسنادا
الثالث : قد يجمع بين الحديثين فيقال ليس فى الحلى من
غير الذهب والفضة زكاة كالأحجار الكريمة
الدليل الرابع : الحديث فى البخارى ومسلم " ليس فى
خمسة أوراق من الفضة صدقه " فى الرقة ربع العشر فقالوا والرقة والورق هما
مسهيان للفضة المضروبة وهذا بمفهومه لا يتناول الحلى والجواب
الأول ـ جاء
أحاديث أخرى تسميه الأواق " ليس فى خمس أواق " والأوقية وزن والحلى
موزون كما هو معلوم
الثانى لحديث العموم " ما من صاحب ذهب ولا فضة
" فلم يعتبر بصفة الذهب والفضة
الثالث تسمية الرقة والأوراق هو من باب تسمية العام بأحد
أحاده
الرابع ـ لازم قولهم هذا الفساد إذ لو كانت الزكاة لا
تجب إلا فى الذهب المضروب إذن لا تجب فى التبر وهو الذهب الخام
الدليل الخامس : ما ثبت عن بعض الصحابة من القول بعدم
وجوب الزكاة فى الحلى جابر رضى الله عنه وابن عمر وانس بن مسعود وعائشة من فعلها ـ
الجواب
الأول الراجح أن قول الصحابى ليس بحجة إلا على شروط منها
أن يشتهر فلا ينكر عليه
الثانى أنه لم يثبت عن بعضهم هذا القول الذي نسبوه فلم
يثبت عن أنس وابن مسعود منهم من نسب عنهم قولان كعائشة وجابر وابن عمر
الثالث ـ معارضة
بأقوال صحابة آخرين قالوا بالوجوب منهم الأعلم والأفقه كعمر رضى الله عنه وأبن
عباس وابن مسعود ـ رابعا حسبنا ردا لها أنها معارضة لما صح عن النبى (ص) من إيجاب
الزكاة كما فى حديث المسكتين المتقدم
الدليل السادس القياس ـ قالوا إذا كان الذهب للحلى ألحق
بغيره من الحلى من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ لجامع أن كلال معدا للإستعمال الجواب ـ
الأول هو قياس
فى مقابل نص
الثانى قياس فاسدا الإعتبار إذ يمتنع القياس فى الأمور
التعبدية
الثالث هو قياس فاسد الإعتبار لمفارقة المقيس للمقيس
عليه فالذهب والفضة شائعان الإستعمال بعكس اللؤلؤ ـ
رابعا ليس علة
الزكاة فى كونه حليا أو مدخرا وإنما علة الزكاة هى طهرة المال كما قال (ص) "
إنها أوساخ الناس " ـ
خامسا ـ قياس مع
الفارق لأن الذهب والفضة أصل المال وفى الذهب والفضة ثمنيه
الدليل السابع : حديث النبى (ص) فى صلاة العيد فيه أنه
قال للنساء تصدقن ولومن حليكن فجعله مضرب لمثل فى صدقه التطوع فلو كانت واجبة فى
زكاة الحلى لما جعلها مثلا فى أمر مستحب ـ الجواب ـ
الأول ضربه
المثل بالحلى ليس لأن الزكاة لا تجب فيه وإنما ضربه لشدة حب النساء له قال تعالى
" أؤمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين "
الثانى أنه ليس
ظاهر الدلالة فى عدم إيجاب الزكاة فى الحلى والأصل فى الدليل أن يكون صريحا ـ
الثالث ـ هذا من دلالة المفهوم فحسبنا ردا له معارضته منطوقا
ثابتا عن النبى (ص)
الرابع : قوله تصدقن ولو من حليكن أى لا يمنعكن أن تصاب
الزكاة لم يتحقق أن تتصدقن منها
الدليل الثامن قياسهم الحلى على العبد والملابس والفرس
بجامع علة الإستخدام والإستعمال والزينة ـ الجواب
الأول ـ قياس فاسد الإعتبار لانه مقابل نص
الثانى : فاسد لمفارقة المقيس للمقيس عليه لأن الملابس تقضى وليست للثمينة وليست نامية \
الثالث لا ينفك إستعمال الحلى عن طلب التجارة
الدليل التاسع : النظر الصحيح قالوا تزكية هذه الأموال
يؤدى إلى فناءها وتضييعها على صاحبها وليس هذا مقصد الشارع من الزكاة ـ الجواب إذا
حضرا الأثر بطل النظر
قل أتعلمون الله بدينكم ـ الثانى لا نسلم أن الزكاة تكون
سببا لفناء المال " ما نقص مال من صدقة "
المذهب الثالث : تجب فى
الحلى ولكن سنة واحدة منسوب لأنس رضى الله عنه وحجتهم فى ذلك أن تزكية الحلى كل
عام بفنية وأن الواجبات لا تتكرر وإنما شرعت الزكاة لحفظ المال لا لضياعه وخاصة أن
أدلة وجوب الزكاة متجهة لا تخلو من ضعف ، كما فى الحديث " كتب عليكم الحج
فحجوا " فالأصل مرة ولما اراد الشارع التكرار نص عليه
الجواب ـ الأول ـ حسبنا ردا لهذا المذهب أن الأصل فى
إيجاب الزكاة أنها واجب متكرر لقوله (ص) لازكاة فى مال حتى يحول عليه الحول ـ
الثانى قاعدة
الواجبات لا تتكرر منقوصة حينا فضلا عن كونها لا تصلح كدليل ـ الثالث ـ كونه من
قول أنس رضى الله عنه فإنه معارض بما ثبت عن عدد من الصحابة خالفوه
الرابع ـ هذا من فضلا عن كونه موقوفا لا حجة له من الأصل
فكيف بمعارضة مرفوعا عن النبى (ص)
الخامس الزكاة
ليست أبدا سببا لفناء المال بل سبب لحفظه ونمائه " ما نقص مال من صدقة "
سادسا ـ والأدلة
فى وجوب الزكاة فى الحلى ظاهرة فلا تندفع بهذا الشك دلالتها
المذهب الرابع : زكاته
عارتيه قول جابر بن عبد الله رضى الله عنه نسبوه إلى أسماء رضى الله عنها بمعنى
أنه تجب فيه الزكاة لكن على معنى مخصوص فتعيره لغيرها من النساء فتكون بذلك زكت
ذهبها
الجواب ـ حسبنا ردا لهذا المذهب أن العارية لا تسمى زكاة
لا شرعا ولا لغة ولا عرفا .
الثانى قول
الصحابى ليس بحجة فكيف ومعارضته قول النبى (ص) ـ
الثالث عارض جابر فى هذا من هم أعلم ممن أوجبوا الزكاة
فى الحلى الرابع ـ القول بأن زكاته عاريته يذهب بشروط الزكاة من الحول والنصاب
ونحو ذلك
المذهب الخامس : التخيير بين
تزكيته سنة أو إعارته الجواب ـ والجواب أن الأصل فى الزكاة الإلزام لا التخيير فضلت عن
معارضة هذا المذهب لما صح من الدليل فى إيجاب الزكاة
وعليه يترجح المذهب القائل بوجوب الزكاة فى الحلى على
شرط الإيجاب من النصاب والحول والملك الى أخره وذلك بالمرجحات الأتية ـ
الاول صحة
وصراحة الأدلة
الثانى أن أدلة المذاهب الأخرى متجهة وهما بين الضعف حينا
وعدم الصراحة حينا أخرى .
الثالث ما يلزم أدلة المذاهب الأخرى من الفساد .
رابعا هذا المذهب يلتقى وأصل عان هو وجوب فى الذهب
والفضة وحسبنا ترجيحا له أنه مذهب حيطة والأصل فى وجوب الزكاة إعمال قاعدة
الإحتياط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق