وقفات مع الحج- للشيخ أبو إبراهيم محمد سلطان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
صفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لهذه الأمة وجاهد في الله حق
جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فصلوات ربي
وسلامه عليه. من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصي الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه
ولا يضر الله تعالى شيئا:﴿ يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ﴾102/آل عمران :﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾1/النساء :﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾70-71/الأحزاب.
أما بعد فإن
أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمر
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد أيها المسلمون:
فإن مواسم
الخير في هذه الأمة لا تنقضي ولا تنتهي، وهذه من رحمات الله سبحانه وتعالى العظيمة
بهذه الأمة على قِصَرِ مدتها وأعمار من فيها إلا أن الله سبحانه وتعالى يسَّر لهذه
الأمة من أسباب دخول جنته ما يُعين الناس على طاعته سبحانه وتعالى.
انقضى شهر
رمضان، انتهى شهر التراويح والقيام والصيام، لكن الخير عند المسلم لا ينتهي. انقضى
رمضان واستقبل المسلمون موسم الحج، والحج من أعظم الأعمال الصالحة التي يتقرب بها
العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((من
حجّ فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وقال عليه الصلاة
والسلام: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))
فهو موسم عظيم للخير.
ومن رحمة الله
تعالى أيضا أن الخير يشمل في أيام ذي الحجة، شهر ذي الحجة الأولى يشمل الحاجِّين
وغير الحاجِّين، فإن الله تبارك وتعالى جعل تلك الأيام المباركة أيام العشر الأولى
من شهر ذي الحجة من أفضل الأيام بل هي أفضل الأيام على الإطلاق: ((ما من أيام
العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في
سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من
ذلك بشيء)).
في هذه
المواسم يجدّد المسلم يا معاشر المسلمين توبته، يعود إلى الله سبحانه وتعالى، من
ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط ، إن الله تعالى خاطب أهل الإيمان وأمرهم أن
يعودوا إليه وأن يتوبوا إليه، ومَنْ منّا ذلك الذي لا يخطئ والله تعالى قد أخبر
فقال: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا
الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ
يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ
ظَلُومًا جَهُولًا ﴾[72/الأحزاب] هذا هو طبع الإنسان أنه كثير الظلم وكثير الجهل يظلم نفسه وربما ظلم
الآخرين، يجهل والجهل من أسباب أن يكون والعياذ بالله من حَطَب النار، ينادي الله
تبارك وتعالى المؤمن أن يتوب إليه سبحانه وتعالى، وهذه الأيام المباركات هي من
أفضل الأيام الذي يعود فيها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يرعاها ويرعى
حقوقها ويعرف قدرها: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ
نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا
أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[8/التحريم].
في هذه
المواسم مواسم الخير التي رزقها الله سبحانه وتعالى هذه الأمة يبسُط رب العالمين
سبحانه وتعالى رحمته لعباده، فذلك الذاكر، وذلك الذي يُهَلِّل، وذلك الذي يُكبِّر،
وذلك الذي يصوم، وذلك الذي يتصدق، أعمال الخير الكثيرة تُفتَح على الناس ويضاعِف
الله سبحانه وتعالى فيها الأجور لمن وفَّقَه الله تبارك وتعالى لصالح الأعمال.
أفضل الأعمال الصالحة
التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى في موسم شهر ذي الحجة في العشر الأول
من شهر ذي الحجة أن يحج بيت الله الحرام كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((من حجّ
فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).
وأمر الحج لا
يخفى على كثير من المسلمين، لا يخفى فضله ولا تخفى مكانته فهو أحد أركان الإسلام،
افترض الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن يَحُجُّوا بيته على المكلفين منهم أن يَحُجُّوا
بيته مرة واحدة في العمر: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾[97/آل
عمران].
وخطب النبي
عليه الصلاة والسلام بالناس فقال: (( أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا
فقام رجل فقال: يا رسول الله: أفي كل عام؟ قال: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ))
الحج مرة فما زاد فهو تطوع فهو فريضة من فرائض الإسلام، بل هو أحد أركان الإسلام
الخمسة كما ثبت بذلك الحديث في الصحيح لما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى
الله عليه وسلم في صورة ذلك الرجل الذي لا يُرى عليه أثر السفر ولا يَعْرفه أحد من
الصحابة حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه،
ووضع يديه على فخذيه ثم قال: (( يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال: الإسلام أن تشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان،
وتحج البيت )) فهو أحد أركان الإسلام، وقد ذهب بعض أهل العلم وإن كان هذا القول
قولا مرجوحا وليس قولا راجحا أنّ من استطاع أن يحج بيت الله الحرام تيسَّرَت له
الأمور من الناحية البدنية ومن الناحية المالية ثم لم يحج بعد ذلك بيت الله
فيُخشى عليه أن يموت على غير الإسلام أن يموت يهوديا أو يموت نصرانيا، والصحيح من
كلام أهل العلم أنّ من فرَّط في أداء فريضة الحج فهو آثم وقد ارتكب ذنبا عظيما يعاقب
عليه عند الله تبارك وتعالى يوم القيامة، وهو ذنب ليس باليسير، هذه النصوص تدل على
مكانة الحج وأنه أحد أركان الإسلام وأحد فرائض الإسلام ومكانته لا تخفى عند صغار
المسلمين فضلا عن كبارهم والمسلمون في الأعصار الأخيرة هم في أَمَسِّ الحاجة إلى
أن يتعلموا كيف يحجون بيت الله الحرام، إذا أراد المرء أن يتقبل الله سبحانه منه
عمله لا يكفي أن يحج كما يحج الناس، يطوف في البيت كما يطوف الناس، يسعى بين الصفا
والمروة كما يسعى الناس لأن كثيرا من الناس يقعون في أخطاء كبيرة، ويقف على صعيد
عرفات كما يقف الناس وهكذا يؤدي المناسك كما يؤديها الناس أعني بذلك الناس عامة
الناس، وأهل العلم الذين يُقتدى بهم ويُسار على نهجهم ورثة رسول الله صلى الله
عليه وسلم في أمته هذه الطريقة لا تنفع عند الله سبحانه وتعالى إذا أراد المرء أن
يتقبل الله سبحانه وتعالى منه عمله فعليه أن يسير على نهج رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أداء المناسك، وقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام حجة الوداع
وكان يقول لهم عليه الصلاة والسلام يُنَفِّذ أمامهم تنفيذا عمليا تطبيقيا الحج،
وهذا أسهل وأيسر على الناس بخلاف المسائل النظرية فإن النظريات يمكن أن ترسخ عند
بعض الأذهان ولا ترسخ عند كثير من الأذهان.
حج النبي عليه
الصلاة والسلام، لم يعطيهم محاضرات في المدينة عن كيفية الحج، وإنما مَشَى عليه
الصلاة والسلام أمامهم وأدى المناسك، وكان يقول لهم عليه صلوات ربي وسلامه: ((
لتأخذوا عني مناسككم فلَعَلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا )) فأدى المناسك عليه
الصلاة والسلام، وقد وصف جابر بن عبد الله رضي الله عنه الأعداد الكبيرة التي خرجت
مع الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا على مَدِّ البصر عن يمينه وعن شماله ومن
أمامه عليه صلوات ربي وسلامه عليه ومن خلفه كلهم يقتدون برسول الله صلى الله عليه
وسلم، وهكذا يجب ويتعين على المسلمين في هذه الأعصار إذا أرادوا أن يتقبل الله
منهم عملهم أن يسيروا على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في هديه عليه الصلاة
والسلام في الحج الرحمة بالناس، في هديه صلى الله عليه وسلم في الحج تعليم الناس
ما ينفعهم، في هديه صلى الله عليه وسلم في الحج تقرير جانب التوحيد، أنه كان يؤكد
على هذا الجانب عليه الصلاة والسلام في تلبيته حينما كان يلبي الله سبحانه وتعالى
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
أكَّد على هذا الجانب في أداءه عليه صلوات ربي وسلامه للمناسك حينما سعى بين الصفا
والمروة، وحينما كان يلبي عليه صلوات ربي وسلامه بين المناسك كان يقرر لهم جانب
التوحيد، والتوحيد هو الذي من أجله أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل وأنزل الكتب،
وعلى المسلمين أن يفهموا حقيقة التوحيد حتى لا يقعوا في براثن الشرك، ويقعوا في
براثن الكفر وهم يشعرون أو لا يشعرون، فكم هم أولئك الذين زعموا أنهم مسلمون
ولكنهم والعياذ بالله يشركون بالله تبارك وتعالى، يطوفون في القبور ويستغيثون
بأصحابها، يعلمون أن هؤلاء المقبورين قد أفْضَوْا إلى ما قدَّموا وقد ماتوا، ولو
كانوا من الصالحين، ولو كانوا من المتقين، ولو كانوا من الأنبياء ،كانوا بشرا
كسائر البشر لا يستطيعون أن ينفعوا الناس ولا يستطيعون أن يضروهم، الله تعالى هو
النافع الضار إذا تَلوَّث فِكْر الحاج بمثل هذه الخزعبلات وهذه الضلالات أو
كخزعبلات الرافضة الذين عبدوا القبور ومجَّدوا الأضرحة وجعلوا أئمتهم آلهة مع الله
سبحانه وتعالى وارتكبوا الموبقات، تلوثت عقولهم وقلوبهم بالضلالات و الشركيات
والخزعبلات، هل هذا يُجدي عند الله سبحانه وتعالى؟ حينما يأتي الحاج إلى مكة يقول:
لبيك اللهم لبيك في طريقه، وحينما يؤدي المناسك يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا
شريك لك لبيك، وقد جعل الحُسين شريكا لله تعالى، أو جعل البدوي شريكا لله تعالى،
أو جعل الرفاعي شريكا لله تبارك وتعالى، أو جعل المخلوقين كما يصنع العلمانيون
الذين جعلوا الأنظمة الوضعية آلهة مع الله يتحاكمون إليها، بها ينبذون شريعة الله،
ويُحلِّلون، ويُحرِّمون، ويُخطِّئون، ويُصَوِّبون، ويَرُدُّون أحكام كتاب الله
تعالى وأحكام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا ينفع عند الله سبحانه وتعالى
إذا كان المرء يُرَدِّد بلسانه لا شريك لك لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد
والنعمة لك والملك! يقرر أن الملْكَ لله، التدبير في هذا الكون لله، ثم بعد ذلك
يدَّعي أن هناك من البشر من ينفع ومن يضر، وأن هناك من البشر من ينازع رب العالمين
تبارك وتعالى في الحكم بين عباده.
الحاج إذا
تعلم العقيدة كان تعلمه لها مؤديا إلى أن يتقبل الله سبحانه وتعالى منه حجه، لأنه
إذا لم يأت الله تبارك وتعالى بقلبه السليم، إذا لم يَحُج كما حج الرسول صلى الله
عليه وسلم فإن حجه لا يُتقبَّل منه ولو تَعِب، ولو وجد المشقة: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ
ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾[103-104/الكهف] لا يكفي أن يتعَب المرء أن يَنْصبْ بل يتعين عليه أن
يسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يؤدي الحج كما أداه رسول الله صلى
الله عليه وسلم الذي كان يقول للناس: ((لتأخذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد
عامي هذا)).
من الأمور
المهمة جدا أن يتعلم الصفة الصحيحة لحج الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا لم يؤدي
الحج على الصفة الصحيحة فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال: ((من عمل عملا ليس
عليه أمرنا فهو رد)) وقال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).
وإذا أردنا أن
نستعرض الجهل الذي يقع من بعض الحجاج فإنه يطول بنا المقام، ولكن يمكن أن نشير إلى
بعض الأخطاء التي تقع منهم، والتي تدل على أنهم ما فقِهوا الحج ولا عَرَفُوا
أحكامه على الوجه المطلوب، أولئك الذين يصعدون في يوم عرفة على جبل الرحمة يصعدون
إلى أعلى الجبل، من الذي أمرهم بهذا؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمرهم بهذا،
ما صعد النبي عليه الصلاة والسلام جبل الرحمة، وإنما وقف عند الصخرات في أسفل
الجبل، ولم يأمر الناس أن يقفوا حيث وقف بل قال: ((وقفتُ هاهنا وعرفة كلها موقف))
أولئك الذين كانوا يُزاحمون ولا يزال بعضهم يُزاحمون عند الجمرات، ما الذي يحملهم
على هذا؟ أولئك الذين يحملون أعزكم الله الأحذية فيرمون بها الشاخص عند الجمرات
يظنون أنه الشيطان الرجيم الماثل أمامهم، من الذي حملهم على هذا؟ إن محمدا عليه
الصلاة والسلام لم يرمي الجمرات بالأحذية، ولم يرمها بالحجارة الكبيرة، وإنما
رماها عليه الصلاة والسلام بالحصى الصغيرة التي لا تؤذي الحجاج، وتكون أيضا تضرب
الشاخص ثم تنزل بعد ذلك في الحوض الذي يفعله كثير من الحجاج من رمي الجمرات
بالأحذية، ويسبُّ بعضهم ويشتُم، ويحسب أن الشيطان الرجيم ماثلٌ أمامه، هذا من
الجهل العريض الذي انتشر في صفوف الحجاج، التزاحم الذي يكون عند الحجر الأسود، أن
يتزاحم الناس ويؤذي بعضهم بعضا لتقبيل الحجر الأسود حتى يأتي بعض النساء اللاتي
يتعيَّن عليهن شرعا أن يبتعدْن عن الرجال يأتين إلى ذلك المكان الذي ازدحم بالرجال
فيَحْتَكِكْنَ بالرجال وتحتك المرأة بالرجل وتقع الفتنة، والرسول عليه الصلاة
والسلام الذي هو أفضل من خَلَقَ الله على الإطلاق حينما أراد النساء أن يبايعوه
مدُّوا أيديهنّ إليه عليه الصلاة والسلام فقال: (( إني لا أصافح النساء ))، وثبت
عنه أنه قال: (( لأن يُضرَب رأس أحدكم من حديد خير له من أن يَمَسَّ يد امرأة
أجنبية لا تحل له )) ما الذي حمل أولئك النساء؟ والذي حمل أيضا أوليائهم على أن
يسمحوا لهن بالذهاب إلى الحجر الأسود عند الزحام فيَحْتَكِكْن بالرجال ويكون
الفتنة التي ربما أدت إلى وقوع بعض الناس في بعض المخالفات التي لا تجوز ولا يصح
أن تكون في ذلك المكان العظيم، ما الذي حملهم على ذلك؟ الجهل بصفة الحج الصحيحة
التي ينبغي على الإنسان المسلم أن يكون على دراية بها.
من الأمور
المهمة في الحج الذي ينبغي على المسلمين أن يعقلوه أن يكون الحج حجا مبرورا، الحج
المبرور الخالي من الإثم، الخالي من الفسق، الخالي من الفجور، الحج المبرور الذي
يتمثل فيه المسلم أرفع درجات حُسْن الخُلُق على نهج النبي عليه الصلاة والسلام
الذي كان عليه الصلاة والسلام حينما حج لم يكن يُدْفَع الناس بين يديه، ولم يكن يقال
للناس إليك إليك، كان الناس يسيرون أمامه، ويسيرون من خلفه عليه صلوات ربي وسلامه،
عن يمينه وعن شماله لم يُدْفَع أحد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد
قدَّر بعض العلماء أن من حجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام في عام حجة الوداع
كانوا مائة ألف يسيرون بالطريقة القديمة لوسائل النقل على الجمال، هذا دليل على
غاية الروعة وغاية النظام أن يسيروا مع النبي عليه الصلاة والسلام ولا تحدث
الازدحامات التي يموت فيها العدد الكبير من البشر إنه ما ذُكِر في التاريخ وفي السُّنَّة
من الوفيات التي حدثت في حجة الرسول صلى الله عليه وسلم قليل من الوفيات التي حدثت
أن رجلا وَقَصَتْه ناقَتُه يعني رَمَتْهُ ناقته سقط من فوق الناقة فمات، لم يُذْكَر
شيء كثير من الوفيات في أثناء أداءه عليه الصلاة والسلام للحج لأن الرحمة كانت تسود
الناس، وكان عليه الصلاة والسلام يَبُثُّ بينهم محاسن الأخلاق، وهذه من الأمور
المهمة الآن عند المسلمين، ويفتقد إليها كثير من المسلمين الآن في أدائهم للمناسك
يظن أن أداء الحج أن يتحول بعضهم أقول وليس كلهم وهذا البعض ليس عشرة ولا عشرين
ولا ثلاثين ومائة هذا البعض بالآلاف وربما كان بمئات الآلاف يظن أن الحج ساحة وَغَى
البقاء فيها للأقوى، يَدْفَع مَنْ أمامه من الناس من الضعفاء، يريد أن يسير في أي
طريقة، يطوف وحده، ويسعى وحده، لا يفكِّر في الآخرين، يريد أن يستعجل في طوافه،
ويستعجل في سعيه ولو أدى ذلك إلى دفع الناس وأذيَّتهم. هناك من بين هؤلاء الحجاج الضعاف من النساء، وهناك النساء أيضا الضعيفات،
وهناك الرجال كبار السن، وهناك الذين لا يستطيعون أن يصبروا على الزحام الشديد،
التدافع الذي يؤدى اختناق الناس بأن يستخدم بعضهم قوته، ويستخدم شبابه في أذية إخوانه
المسلمين، هذا ليس الحج المبرور الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم، الحج
المبرور الخالي من الإثم، متى يا معاشر المسلمين، متى نرى ذلك الحج بصورته الرائعة
التي كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وفي القرون المفضلة التي سارت على
نهجه، ذلك الحج الذي يَبْرُزْ المسلم فيه بأعلى درجات حسن الخلق، التسامح يشيع بين
الناس، أن يفكر المرء في إخوانه المسلمين، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام
أنه قال: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) إذا لم يظهر هذه المحبة
في أثناء أداءنا لهذا الركن العظيم من أركان الدين متى نُبْرِزُها؟ إذا لم نكن أمة
واحدة كما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم حينما خاطب الناس في عام حجة الوداع
فقال: (( أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام، قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر
حرام، قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم
عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )) متى تظهر هذه الأخوة
الإيمانية التي تدل على هؤلاء المسلمين أصبحوا أمة واحدة كما أراد لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم، إذا نجحنا أن نكون أمة واحدة في صلاتنا أن نكون أمة واحدة في
أثناء أداءنا لمناسكنا في تلبيتنا في طوافنا بالبيت في سعينا بين الصفا والمروة في
وقوفنا على صعيد عرفات، حينما نخرج من عرفات إلى مزدلفة إذا استطعنا أن نصل لدرجة
أن نكون أمة واحدة متراحمة والله نستطيع أن نتحد سياسيا وتتحد قراراتنا وتتحد
قلوبنا ونقف أمام أعتى أعداءنا الذين يُسَمُّوننا الخصم لا زالوا وحتى يومنا هذا
كثير منهم يتسلطون على المسلمين، إذا استطعنا أن نحقق الأخوة الإيمانية في أداءنا
للمناسك بإذن الله تبارك وتعالى نستطيع أن نقوم بما أوجب الله سبحانه علينا من نشر
التوحيد في أصقاع الأرض، أن نقوم بهذا الواجب العظيم الذي أمرنا به ربنا تبارك
وتعالى وأمرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم، أن نكون أمة داعية إلى الخير آمرة
بالمعروف ناهية عن المنكر: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[110/آل
عمران] إذا كان الحج
على هذا النحو، إذا كان الحاج متسما بحسن الخلق في أثناء أداءه للمناسك فإن حجه
يكون حجا مبرورا، إذا لم يفعل ذلك سبَّ وشتم وآذى الناس هل يكفي هذا عند الله أن
يطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويؤدي المناسك؟: (( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من
ذنوبه كيوم ولدته أمه )) الذي يفسُق في حجه، ويسُبُّ في حجه، ويجادل بالمراء في
حجه، ويؤذي إخوانه ليته جلس في بيته فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال: ((
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )) أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الحمد لله على
إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلوات ربي وسلامه عليه
الذي لم يدع خيرا إلا ودل الأمة عليه، ولم يدع شرا إلا وحذَّر الأمة منه فجزاه
الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته.
وبعد أيها
المسلمون: فإن من الأمور المتعينة على الحجاج وعلينا جميعا أن ننتبه إليها أن الله
سبحانه وتعالى لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه، إذا أراد أحد أن يحج
فليجعل حجه لله لا يريد ثناء الناس، ولا يريد مدحهم، ولا يُقال أنه حاج إذا استحضر
هذه المعاني السيئة في قلبه فإن عمله يكون مردودا عليه، ثبت في الحديث القدسي أن
الله تعالى يقول: (( من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) الذي يريد ثناء
الناس يُثني عليه في الدنيا لكنه عند الله يوم القيامة ليس له عند الله حظ ولا
نصيب، من أوائل من تُسَعَّرُ بهم النار يوم القيامة ثلاثة: رجل جاهد ليقال أنه
مجاهد، ورجل تعلَّم القرآن ليقال إنه عالم، ورجل أنفق على الفقراء والمساكين ليس
في سبيل الله تبارك وتعالى ولكن من أجل أن يقال أنه جواد كريم، هؤلاء أول من تُسعَّر
بهم النار يوم القيامة، يُؤتى بهم يوم القيامة يُعرَّفون نعم الله تبارك وتعالى عليهم،
وهذه أجناس وأصناف من الناس ليسوا أشخاصا هؤلاء أصناف من الناس وهم موجودون، هناك
من يعمل الخير، من يتصدق على الفقراء والمساكين، يريد أن يُكتَب في الجرائد أنه يُحْسِن
للكبير، أو يُثنى عليه في بعض القنوات أنه أنفق وتصدق، هناك من يجاهد ويقاتل ويراق
دمه في القتال في سبيل الله ليس من أجل إعلاء كلمة الله لكن من أجل أن يقال إنه
بطل وشجاع ومغوار، هذا ليس له عند الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هناك من تعلم
العلم لا يريد به وجه الله سبحانه وتعالى يريد به حظ الدنيا المناصب والأماكن
الرفيعة التي لا يمكن أن يتسلمها إلا بالعلم الشرعي، هذا الذي يفعل ذلك الذي لا
يريد بعلمه وجه الله وإنما حطام الدنيا الفاني ليس له عند الله سبحانه وتعالى إلا
النار، وكذلك من حج بيت الله الحرام يريد أن يقال في بلده أنه حاج أو يقال أنه من
المكثرين من الحج هذا ليس له عند الله تبارك وتعالى شيء: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً
مَنْثُورًا ﴾[23/الفرقان]
الذي يُشرك مع الله سبحانه وتعالى غيره في أي عمل من
أعمال الحج، الصلاة، الثناء، يريد الرياء، يريد السمعة، هذا العمل ليس متقبلا عند
الله وهو مردود عليه، لا ينفعه بل هو وبال عليه يوم القيامة يُعذَّب به في النار
والعياذ بالله. فعلى كل حاج أن يستحضر النية الصالحة، والنية الطيبة، وأن يكون
عمله لوجه الله تبارك وتعالى الذي خلقه ورزقه: ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ
رَكَّبَكَ ﴾[6-8/الإنفطار].
إنَّ نِعَمَ
الله على عبيده لا تُحصى، والله تبارك وتعالى مهما عبدناه ومهما بذلنا المهج في
طاعته سبحانه وتعالى فلن نقدره سبحانه وتعالى قدره، فعلى المرء أن يتقي الله
سبحانه وتعالى، وألا يريد بحجه إلا وجه الله.
سنتحدث إن شاء
الله تعالى في الجمعة القادمة عن صفة الحج بشيء من التفصيل حتى يستفيد جميع
الإخوان الذين يحضرون خطبة الجمعة، من أراد منهم أن يحج بيت الله الحرام يستعين
بما يسمع من صفة الحج في أداءه للمناسك مع التنبيه إلى أن هناك والحمد لله في هذا
العصر توفرت كثير من وسائل التعليم، أشرطة المشايخ الفضلاء العلماء الأجلاء الذين
تقتدى بهم الأمة في هذا العصر كسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، و سماحة الشيخ ابن
عثيمين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، هناك الكتب أيضا المختصرة في صفة الحج مثل
كتاب ( التحقيق والإيضاح ) لسماحة الشيخ ابن باز هو من الكتب السهلة اليسيرة
المبسطة من أراد أن يحج فليبتدأ من الآن أن يتعلم أحكام مناسك الحج والعمرة. هذه
الكتب كتب مختصرة يمكن أن يستعين بها إذا أراد أن يسمع في سيارته، أو السيديهات،
أو الأشرطة للمشايخ المذكورين وغيرهم، ويقرأ أيضا في الكتب النافعة، يحضر الدروس
التي يكون في بيوت الله مع سماعه خطب الجمع التي تتحدث عن أحكام المناسك سيعينه
ذلك بإذن الله تعالى على أن يؤدي الحج على الصفة الصحيحة التي أداها رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
نسأل الله
سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، نسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا
وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
اللهم اجعلنا
لك ذاكرين، لك شاكرين، لك أواهين منيبين، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُّ فيه
أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويُؤْمَرُ فيه بالمعروف ويُنْهَى فيه عن المنكر يا
رب العالمين.
اللهم من
أرادنا والمسلمين وهذا البلد بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره
تدميرا له، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا
بقدرتك علينا فلا نهلك، أنت رجاءنا يا أرحم الراحمين، اللهم من تهددنا فتهدده، ومن
توعدنا فتوعده، ومن كادنا فكده، اللهم إنا نجعلك في نحور أعداءنا، ونعوذ بك اللهم
من شرورهم، اللهم انصر دينك، وأعلي كلمتك، وأعز عبادك الموحدين، اللهم انصر من نصر
الدين، واخذل من خذل الدين، اللهم أَقِمْ عَلَم الجهاد، واقرع أهل الشرك والزيغ
والعناد، اللهم حرر مسرى محمد صلى الله عليه وسلم من أيدي اليهود المجرمين، اللهم
انج المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انج المستضعفين من المسلمين في القدس
وغزة وفلسطين، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، وامكر لهم ولا تمكر عليهم، وانصرهم على
من بغى عليهم، اللهم اشف جريحهم، وفك أسيرهم، وتَقبَّل شهدائهم، اللهم احقن دماءهم،
واستر أعراضهم، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم
خائفون فأمِّنْهم، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء
منا، اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله أنت أهل التقوى وأهل المغفرة،
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم تب علينا كي
نتوب، واغفر لنا يا غفار الذنوب، اللهم إنا نعوذ بك من الوبا، ونعوذ بك من الربا، ونعوذ
بك من الزنا، ونعوذ بك من الغلا، ونعوذ بك من الزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر
منها وما بطن، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي
فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل
خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا
الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتها وهب لنا من لدنك
رحمة إنك أنت الوهاب، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف
القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك، اللهم توفنا مسلمين، واحشرنا مع الصالحين غير خزايا
ولا مفتونين، اللهم اختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، وتوفنا وأنت راض
عنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولأقاربنا ولجميع المسلمين يا أرحم الراحمين، اللهم
أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتنا ما تبلغنا به جنتك،
ومن اليقين ما تُهَوِّنُ به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا
وقوتنا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من
عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا،
ولا إلى النار مصيرنا، ولا تُسَلِّطْ علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا،
اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في
ديننا ودنيانا وأهلينا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين
أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من
تحتنا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلي على
محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق